محمد فريد ( 20 يناير 1868 في القاهرة - 15 نوفمبر 1919 في برلين ) ، سياسي و حقوقي مصري من أصل تركي ، أنفق ثروته في سبيل القضية المصرية . من أشهر ما كتب : " تاريخ الدولة العلية العثمانية "
أعلن محمد فريد أن مطالب مصر هي : الجلاء و الدستور . وكانت من وسائله لتحقيق هذه الأهداف : تعلم الشعب على قدر الطاقة ليكون أكثر بصيرة بحقوقة ، و تكتيله في تشكيلات ليكون أكثر قوة و إرتباطا , أنشأ محمد فريد مدارس ليلية في الأحياء الشعبية لتعليم الفقراء و كبار السن الأميين مجانا . وقام بالتدريس فيها رجال الحزب الوطني و أنصاره من المحاميين و الأطباء الناجحين ، وذلك في أحياء القاهرة ثم في الأقليم .
و من إنجازاته أنه وضع محمد فريد أساس حركة النقابات ، فأنشأ اول نقابة للعمال سنة 1909 ثم إتجه إلى الزحف السياسي ، فدعا الوزراء إلى مقاطعة الحكم ، وقال : ( من لنا بنظارة " وزارة " تستقيل بشهامة و تعلن للعالم أسباب إستقالتها ؟ لو إستقالت وزراء بهذه الصورة ،ولم يوجد بعد ذلك من المصريين من يقبل الوزراء مهما زيد مرتبه ، إذن لأعلن الدستور و لنلناه على الفور . )
عرفت مصر علي يديه المظاهرات الشعبية المنظمة ، كان محمد فريد يدعو إليها ، فيجمع عشرات الألاف في حديقة الجزيرة و تسير إلى قلب القاهرة هاتفة بمطالبها . وضع محمد فريد صيغة موحدة للمطالبة بالدستور ، طبع منها عشرات الآلاف من النسخ ، ودعا الشعب إلى توقيعها و إرسالها إليه ليقدمها إلى الخديوي ،و نجحت الحملة و ذهب فريد إلى القصر يسلم اول دفعة التوقعات وكانت 45 ألف توقيع و تلتها دفعات أخرى .
محاكمته : تعرض محمد فريد للمحاكمة بسبب مقدمة كتبها لديوان شعر بعنوان " أثر الشعر في تربية الأمم " ، من ما قال فيها : " لقد كان من نتيجة إستبداد حكومة الفرد إماته الشعر الحماسي ، وحمل الشعراء بالعطايا و المنح على وضع قصائد المدح البارد و الإطراء الفارغ للملوك و الأمراء و الوزراء و إبتعادهم عن كل ما يربي النفوس و يغرس فيها حب الحرية و الأستقلال .. كما كان من نتائج هذا الإستبداد خلو خطب المساجد من كل فائدة تعود على المستمع ، حتى أصبحت كلها تدور حول موضوع التزهيد في الدنيا ، و الحض على الكسل و إنتظار الرزق بلا سعي ولا عمل "
ذهب محمد فريد إلى أوروبا كي يعد لمؤتمر لبحث المسألة المصرية بباريس ، و أنفق عليه من جيبه الخاص كي يدعو إليه كبار معارضي الأستعمار من الساسة و النواب و الزعماء ، لإيصال صوت القضية المصرية إلى المحافل الدولية . نصحه أصدقاؤه بعدم العودة بسبب نية الحكومة محاكمته بدعوى ما كتبه كمقدمة للديوان الشعري ، و لكن إبنته ( فريدة ) ناشدته علي العكس بالعودة ، في خطابها الذي مما جاء فيه : " لنفرض أنهم يحكمون عليك بمثل ما حكموا به على الشيخ عبد العزيز جاويش ، بذلك أشرف من أن يقال بأنكم هربتم ... و أختم جوابي بالتوسل بإسم الوطنية و الحرية ، التي تضحون بكل عزيز في سبيل نصرتها أن تعودوا و تتحملو آلام السجن "
حكم علي محمد فريد بالسجن ستة أشهر ، قضاها جميعا و لدى خروجه من السجن كتب الكلمات الآتيه : " مضى على سته أشهر في غيابات السجن ، و لم أشعر أبدا بالضيق إلا عند إقتراب خروجي ، لعلمي أني خارج إلى سجن آخر ، وهو سجن الأمة المصرية ، الذي تحده سلطة الفرد .. و يحرسه الأحتلال .. أن أصبح مهددا بقانون المطبوعات ، و محكمة الجنايات .. محروما من الضمانات التى منحها القانون العام للقتلة و قطاع الطرق . "
وفاته : إستمر محمد فريد في الدعوة إلى الجلاء و المطالبة بالدستور ، حتى ضاقت الحكومة المصرية الموالية للإحتلال به و بيتت النية بسجنه مجددا ، فغادر محمد فريد البلاد إلى اوروبا سرا ، وفي يوم الخامس عشر من نوفمبر 1919 م وافته المنية هناك في برلين يألمانيا ، وحيدا فقيرا ، حتى أن أهله بمصر لم يجدوا مالا كافيا لنقل جثمانه إلى أرض الوطن ، إلى أن تولى أحد التجار المصريين نقله بنفسه على نفقته الخاصة وهو الحاج خليل عفيفي ، تاجر قماش من الزقازيق باع كل ما يملك و سافر لإحضار جثمانه من الخارج وقد منح نيشان الوطنية من الحكومة المصرية تقديرا لجهوده في هذا الشأن .